الخميس، 6 مايو 2010

محمد فرج يحاور ماهر شريف

سلسلة «يدويه».. تجربة سكندرية تحتفل بعشر سنوات في فرحة صنع كتاب


ماهر شريف حالة فنية سكندرية متفردة، وجه أسمر يعرفه كل المهتمين بالشأن الفني في المدينة التي يعشقها ماهر ورفض مغادرتها للالتحاق بالعاصمة.يكتب ماهر القصة القصيرة ويلتزم بها أيضا، فهي كما يراها ليست مرحلة إعداد لكتابة الرواية ولكنها فن يستحق الإخلاص، ولا يقتصر الأمر علي مجرد كتابة القصة فهو يحاول طوال الوقت التجريب فيما يكتبه فهو يكتب بالفصحي
و بالعامية- وعامية ماهر تخصه بشكل كبير ـ ما زلت أذكرالمرة الأولي التي ذهبت فيها إلي ندوة "أصيل" الأدبية بالنادي النوبي بالإسكندرية منذ حوال ثماني سنوات واستمعت إلي ماهر يقرأ بصوته الهاديء قصة"حكاية الـ 36 ولد وبنت اللي ماتوا عشان ربنا عايز كده" حيث يصنع ماهرعالما يخصه وحده وتستطيع أن تلمس تناثر مفردات عالمه في الكتابات السكندرية الجديدة.
أيضا خاض ماهر أكثرمن مرة تجربة المجلات الثقافية المستقلة منذ وقت طويل، فكانت تجربة"خماسين" التي أصدر منها ثلاثة أعداد ثم توقفت، بعد ذلك كانت تجربة "الكل"التي أصدر منها مؤخرا مجموعة قصصية جديدة للكاتبة الشابة الشيماء حامد.ماهر يهتم بالمسرح وقد قام بتنفيذ سينوغرافيا مسرحية "خالتي صفية والدير" أحد العروض الفائزة في مهرجان المسرح التجريبي المنصرم.
مؤخرا أصدر ماهر ثلاث كراسات جديدة من سلسلة يدوية التي يقوم بكتابتها وتنفيذها بنفسه هي: "قصايد ماتت بالسكتة القلبية"للشاعر عبد الرحيم يوسف"و "حاجات مش حزينة قوي"للشاعرة صفاء عبد العال و"حكايات ولاد المالح" لأحمد مصليحي. بالإصدار الأخير أكمل ماهر عشر سنوات مع يدوية، لذا قام بإصدار"طبعة ثانية"من كل الكراسات التي أصدرها من قبل. داخل علبة بسيطة صنعها بنفسه ليحتفل بعشر سنوات يحاول فيها خلق خصوصية سكندرية في مجال النشر. قابلته علي مقهي "البوابين" في الإسكندرية ليحكي عن محاولات خلق فرحة الكتاب التي يحاول صنعها.
> دعنا نبدأ من "خماسين"... المطبوعة غير الدورية التي تعني بشئون الأدب والفن....؟
ــ تجربة "خماسين"التي كانت تهدف إلي خلق مجلة مستقلة في وقت لم تكن فيه اي مجلات مستقلة..كل المطبوعات كانت تنتمي للدولة عدا تجارب مثل "الكتابة الأخري" و"الجراد" بشكل خاص، وفي الإسكندرية كانت هناك تجربة "الاربعائيون"...تقريبا كانت هذه هي المجلات الموجودة في ذلك الوقت لم تكن هناك أي مجلات تابعة للثقافة الجماهيرية، مجلة مثل إبداع كانت في حالة يرثي لها.
كانت "خماسين"تجربة مختلفة ومغايرة صنعها مجموعة من الشباب منهم محمد عبدالرحيم وحمدي زيدان وخالد حجازي وإيهاب عبد الحميد وآخرون، استمرت التجربة من 96 الي 98 أصدرنا ثلاثة أعداد ثم توقفت المجلة لأسباب مالية، كنا نصدرها علي نفقتنا الخاصة ولم نستطع الاستمرار. لكن كانت تجربة مختلفة وجديدة لا يستطيع أي متابع للحركة الأدبية في الإسكندرية خلال السنوات الأخيرة أن يتغافلها. عند توقف "خماسين"بدأت أفكر في شيء مختلف أيضا يمكن أن يوفي تطلعاتنا في نشر إنتاجنا.
> لكن كيف بدأت فكرة "يدوية"؟
ــ وقتها كان مجال النشر مازال مخنوقا، سلاسل قصورالثقافة كانت في بدايتها إلا أن شروط النشر كانت صعبة، فالكتابات التي تحمل شيئا جديدا كان غالبا ما يتم رفضها والنشر الخاص كان أمراً باهظ التكلفة. ساعتها فكرت لماذا نتعب انفسنا في الخضوع لشروط النشر الكبير لماذا لم نقم بإخراج تجاربنا البسيطة في مطبوعة بسيطة وتوزع بشكل محدود.
وقتهاكان الكثير من الأصدقاء يأتون إلي لكتابة قصائدهم علي اعتبار أني أمتلك خبرة في التشكيل والاخراج الفني.
فقلت لماذا لا أخرج من الإطار الفردي وأصنع عددا من النسخ مكتوبة بشكل يدوي ونوزع عددا محدودا من النسخ.. وكانت هذه الفكرة الأساسية التي خرجت علي أثرها أولي كراستين، لـشهدان الغرباوي لإحدي قصائدها الطويلة وكانت بعنوان " شعيرات اسمها الفضيلة"والثانية لشمس الفخاخري بعنوان "عراف الضوء"وقتها لم أكن أصنع نسخا كثيرة ولكن حسب الطلب إذا أراد أحد الأصدقاء نسخة أصنعها له.
> لكنك توقفت بعد ذلك لفترة عن إصدار كراسات جديدة؟
ــ نعم توقفت لأسباب كثيرة لم تجد الفكرة وقتها الكثير من التشجيع خاصة أن الأمر كان يشبه لعبة يلعبها مجموعة من الأصدقاء.
لكن في 2004 عند إخراج كتب "الكل" فكرت لماذا لاتتم إعادة يدوية مرة أخري، ولكن بشكل أكثر احترافا، بمعني أن تحتفظ بفكرة الكتابة اليدوية ولكن أن يتم إخراج عدد معين من النسخ بدلا من تنفيذ نسخة بعد نسخة حسب الطلب. أيضا بدأت تأخذ اسم "يدوية"، فهي ببساطة مكتوبة بخط اليد. وكان هذا أهم ما في الموضوع وأصعبه، لذا فكرت أن يتم تصوير الجزء الداخل علي العدد المطلوب . وبهذا استطعت ان أرفع من عدد النسخ- تقريبا خمسين نسخة- وكان الكراس الثالث في 2005 بعنوان "حكاية وحكاية" من كتاباتي.
وبدأت الرغبة في المشاركة في النشر و طلب العديد من الأصدقاء أن تنشر أعمالهم عبر"يدوية" فكان هذا دافعا لإخراج العددين الرابع والخامس لأشرف فتحي "ضربة شمس" ولأمينة عبدالله "رغاوي البيرة الساقعة" وكان ذلك في 2006 .
> كيف تري موقف كراسات "يدوية"من الحكم النقدي المرتبط بالتوزيع والوصول إلي دائرة أكبر من المهتمين؟
ــ التجربة ليست مثل النشر الموسع فهي تجربة محدودة بشكل أساسي لضمان تنفيذها بشكل يدوي.لقد حافظنا علي أن تظل التجربة قريبة من فكرة الكتابة اليدوية للحفاظ علي خصوصيتها التي تستوعب أن ننشر لصديق لديه أعمال إذا لم يتم نشرها فستكون معرضة للانتهاء، أو أن يحتاج احد الأصدقاء بشكل معنوي أن يمتلك كتابا. ثانيا، لأن التجربة خاصة وحميمية وتحتفي بالأساس بقيمة الكتابة وليس بجودتها فهذا أمر لاحق .
وهذا تقليد أظن أننا حاولنا هنا في الإسكندرية في الندوات التي نقيمها بالإسكندرية أن ندافع عن فكرة أن تكتب، وهكذا استقبلنا أشخاصا كثيرين صغاراً ولديهم أفكار يمكن بسهولة وصفها بالسذاجة، أو كباراً في السن ولكن كان الهم الأساسي أن تكتب، أم مسألة جودة الكتابة فهذا أمر آخر مرتبط بالجدية أو الاحتراف. في الوقت ذاته لدينا سلسلة "الكل" وهي تعتني بمسألة القيمة الفنية للنص ولكن الأمر مختلف بين "يدوية" و "الكل"
> كيف تري الفرق بين "يدوية" و"الكل"؟
ــ تجربة "الكل"تجربة في إطار النشر الخاص، ليس من أجل مسألة ان النشر أصبح صعبا ولكن من أجل خلق خصوصية في النشر، فنحن نريد أن ننشر بالشكل والأفكار التي تخصنا ونريد تنفيذها بهذا الشكل.
في كتاب "الكل" رأي البعض شيئا من البذخ أو التكلفة غير الضرورية ولكن بالنسبة لي هذا ما أري أنه يشكل خصوصية المسألة .
النقطة الثانية أن كتاب الكل يتوجه نحو نشر أعمال لشباب في اتجاه معين ظلوا لفترة طويلة جدا مستبعدين من النشر لأنهم خارج سياق الكتابة المعتمدة الآن. وبالتالي نحاول في كتاب الكل أن ندافع عن كتاباتنا التي تمثلنا وبالتالي هناك معيار ما في"الكل"لما ننشر وليس فقط كيف ننشر.
لكن يدوية مسألة شخصية وحميمية جدا بعيداعن أحكام القيمة..هي تقترب أكثر من "فرحة الكتاب"
> لكن ألا تري أن النشر الخاص يمكن أن يؤثر علي تجربة كـ "يدوية"؟
ــ لا أري أن النشر الخاص قد يؤثر علي يدوية، فالمسألة غير مرتبطة بآلية النشر بقدر ارتباطها بإخراج الكتاب في حد ذاته. المسألة أشبه بفنان يرسم لوحة فهو بعيد تماما عن حسابات تنفيذ وإخراج الصفحات في طباعة المجلات هو يهتم بلوحته فقط <

14. november 2008 kl. 12:26

ليست هناك تعليقات: